ثم إنه تولى كتابة السر بطرابلس بعد عزل القاضي شهاب الدين بن القطب المصري، وأقام بها من أوائل سنة ثمان وأربعين وسبع مئة الى أن توفي رحمه الله تعالى بطرابلس يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وسبع مئة.
وكان رحمه الله تعالى أبيض أشقر سميناً فيه بشاشة وكيس ولطف ودماثة أخلاق ودهاء، وكان قد مشى بالفقيري، بالطاسة والأزار العسلي في وقت، وخلف عدة أولاد كل منهم اسمه محمد.
اجتمعت به غير مرة بدمشق والقاهرة.
[محمد بن نبهان]
الشيخ الصالح الزاهد العابد الورع القدوة شيخ البلاد الحلبية.
كان فقيراً، بالله غنياً، خلياً من الدنيا وإن كان بسعادة الآخرة ملياً، مقيماً بزاوية في بيت جبرين معروفة بهم من قديم، موصوفة بإضافتها إليهم، لا يزال فيها للفقراء منهم خديم، واشتهر هذا الشيخ محمد بتلك الناحية، وأشرقت شمس عرفانه في سمائها المصحية ولا أقول الصاحية، وتبلّجت وجوه بركاته الضاحية، وعرف بالخير وقصد من كل أرض، وإنما يسقط الطير وكان يطمع كل من يرد عليه من أمير ومأمور، وذي قلب خراب من التقوى ومعمور، ولم يُسمع أنه قبل لأحد شيئاً قلّ ولا جلّ، ولا حرم