الإغضاء والحياء والعلم، بصيراً بالقواعد، حاوياً لكثير من غرائب المسائل الأباعد، كثير الإنصاف إذا بحث، إذا سكت خصمه حضه على الكلام وحث، زائد التعفف قادراً على التقشف مع الدين المتين، والإخلاص المبين، واسع قميص الزهد، مغتبطاً بما عنده من الجهد، منقبضاً عن الناس، منجمعاً عن مخالطة الأدناس، يتنقل في المساجد المهجوره، ويقيم فيها كثيراً لا لضروره، يختفي فيها أياما، ويهجر بها ما عساه أن يهجر دواما، مع ما أحكمه من الفقه والعربيه، والنكت الأدبيه، وبرع فيه من معرفة السيرة وكثير من التاريخ وأسماء الرجال، وما يتسع في ذلك من المجال، ورأيت كثيراً من الفضلاء يقول: هو أقرب من أخيه إلى طريق العلماء، وأقعد بمباحث الفضلاء، وكان أخوه العلامة تقي الدين يحترمه ويتأدب معه، ويحذر أن يخدعه.
ولم يزل على حاله المرضية إلى أن نزل به ما لا بد من نزوله، وظفر من الله تعالى بمرامه وسوله.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وعشرين وسبع مئة، قبل أخيه العلامة تقي الدين بسنة، وكانت جنازته حافلة مشهودة، حمله الناس على الرؤوس.
[عبد الله بن عبد الكافي]
نور الدين بن ضياء بن الخطيب الكبير جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربعي الدمشقي الشروطي الأديب.
كان حسن الكتابه، جيد المعرفة بالإصابه، وكان فيه لعب وانطباع وعثرة وانخلاع.