ولم يزل معظماً يحبه أهل دمشق، ويحسن هو إليهم إلى أن طلبه السلطان الملك الناصر محمد إلى القاهرة في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة، وولاه الصعيد، فدخل يوماً إلى ديوان الإنشاء بقلعة الجبل لإلفه بأهل دمشق، وقعد عندنا يسيراً يتحدث ويذكر دمشق، فجاء إليه إنسان من عند بعض الخاصية يقول: هذا يكون في خدمتك، يصلي بك ويؤذن ويقرأ. يشير إلى فقيه معه. فقال: سلم على الأمير، وقل له: أنا ما أروح إلى الصعيد مسلماً، فضلاً عن أني أصلي. فأخذنا منه ذلك على عادة بسطه وتنديبه. فما كان إلا أن راح إلى الصعيد، وحط يده والسيف. فوسط وسمر وشنق، وسفك الدماء، إلى أن نقل إلى ولاية القاهرة في سادس عشري جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وسبع مئة.
وكان الحال في هذه الولاية أشق. أول ولاية بالقاهرة قطع على ما قيل خمسين يداً غير الأرجل، وزاد في ذلك، ودخل مع القاضي شرف الدين النشو وأحبه وأخذا أرواح جماعة من الكتاب.
وولى السلطان ابنه الأمير ناصر الدين محمداً مصر، وأضاف الحسبة في الخبز إلى الأمير علاء الدين في أيام الغلاء، لكنه ساس ذلك سياسة جيدة. وأظنه تولى القاهرة بعد سيف الدين بلبان الحسامي، بعدما نقل إلى نيابة دمياط.
[علي بن الحسن بن علي]
الشيخ نور الدين أبو الحسن الأرموي الشافعي، شيخ خانقاه القاضي كريم الدين.