وخطب بعده الشيخ شرف الدين الفزاري إلى أن نقل إلى خطابة الجامع الأموي.
وكان هذا الخطيب ابن الجابي قد جمع نحو أربع مئة دينار. وجاءت التتار، فكابر وقعد في بيته في الجامع، فدخلوا عليه، فكلمهم بالتركي، فأخذوا ثيابه وفرشه ونحو ثلاثين قطرميزاً من زبيب ومخلل وعسل. ثم جاءته فرقة أخرى، وقالوا له: أين المال، فتمسكن لهم، فرأوا هناك لازورداً، فأرادوا أن يوجروه به، فصاح وخرج لهم عن ثلاث مئة دينار، فأخذوا الذهب، وعذبوه، ثم إنه هرب وتسلق من الباب الصغير، فظفر به أناس آخرون، وطالبوه مصادرة، وقاسى أهوالاً ووبالاً وفقراً إلى أن توفي رحمه الله تعالى في تاريخه.
ولما أبيعت كتبه، جاء الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى واشترى منه كتباً بألف درهم، جميعها في الكيمياء، ورمى بها في وقته في بركة، وغسلها، وقال: هذه كانت تضل الناس وتضيع أموالهم.