إليه تقليده وتشريفه بالقضاء بعد القاضي جلال الدين القزويني في نصف شهر شوال سنة سبع وعشرين وسبع مئة، وحضر إليه الأمراء والناس، فامتنع وتغيّر مزاجه. ثم إن أرباب الدولة عادوا إليه ثانياً، وأدّيت إليه رسالة الأمير تنكز، فأصرّ على الامتناع، فأعيد التقليد الى مصر، وزادت عظمته عند نائب الشام، فولاه خطابة القدس مُديدة، ثم إنه تركها، ولما كان بالقدس طلبه المَقادسة، ودخلوا عليه بسماع الحديث وخرجوا من هذا الى طلب الشفاعات عند ناظر الحرمين، فشفع لهم وأكثر من ذلك، فثقل أمره على الناظر، وشكا في الباطن الى تنكز وقال: هذا يُدخل روحه في غير الخطابة، ويتكلم في الولاية والعزل، فنقص بذلك قدره عند تنكز ثم إنه فيما بعد زار القدس فتعلل هناك، ونُقل الى دمشق ضعيفاً، فأقام أياماً يسيرة، وتوفي رحمه الله في التاريخ المذكور.
[محمد بن محمد بن محمد]
بن عبد القادر
قاضي القضاة نور الدين بن الصائغ، تقدّم تمام نسبه في ترجمة ابن عم أبي اليسر آنفاً.
كان خيّراً ساكناً وقوراً، سمع من أحمد بن هبة الله بن عساكر.
ولاه الفخري في نوبة الناصر أحمد قضاء العساكر بدمشق، وتوجه مع العسكر الى القاهرة، ثم إنه عُزل بعد ذلك، وبقي على تدريس الدماغية الى أن تولى قضاء القضاة بحلب بعد القاضي بدر الدين بن الخشّاب سنة أربع وأربعين وسبع مئة.
ولم يزل بحلب الى أن توفي رحمه الله في شوال سنة تسع وأربعين وسبع مئة في طاعون حلب.