سمع كثيراً من أبيه، وابن شيبان، والفخر علي، وبنت مكّي، وعدة. وحضر ابن علان. وحدث بصحيح البخاري عن اليونيني، وسمع حضوراً من فاطمة بنت عساكر، وحفظ التنبيه، ولازم حلقة الشيخ برهان الدين.
وكان دينه متيناً، وتصوّنه مبيناً. طُلب لقضاء القضاة بدمشق فامتنع، وظهرت عليه أمارات الزَّمع، فعظم قدره، ولزم الناس حمده وشكره.
وكان مقتصداً في لباسه وفي أموره بين ناسه، ودرّس وهو أمرد، ولم يبال بمن يناظره أنقضّ عليه أم ردّ، وحجّ غير مرة، وفعل في طريقه كل مبرّة:
وكان غريباً في جميع أموره ... له بركاتٌ في الورى وصلاحُ
إذا ما ادْلهمّ الليل قام لربّه ... وناجى الى أن يستنير صباحُ
ولم يزل على حاله الى أن أصبح أبو اليسر من الحياة مُعسراً، ومكّن الحِمامُ منه مخلباً ومَنسِراً.
وتوفي رحمه الله تعالى في يوم الجمعة، جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وسبع مئة، ودفن عند قبر والده بسفح قاسيون، وشيعه الخلائق وحملوه على أكتافهم، وكانت وفاته بعد قاضي القضاة جلال الدين القزويني بليالٍ يسيرة.
ومولده سنة ست وسبعين وست مئة.
وكان تنكز قد عظّمه واعتقد فيه لما امتنع من ولاية قضاء القضاة، فإنه حُمِل