كان صدراً كبيراً، خلف والده في تدريس المدرستين الريحانية والظاهرية، وباشر في حياة والده نظر الخزانة، وباشر بعد موته نظر الجامع مدة، وكان معيّناً للمناصب الكبار.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وست مئة.
[يوسف بن محمد بن عبيد الله]
القاضي صلاح الدين كاتب الدرج السلطاني بالقاهرة.
كان كاتباً مأموناً، اعتمد عليه القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر ومن بعده. ولم يزل مقدّماً عند كاتبي السر واحداً بعد واحد الى آخر أيام القاضي علاء الدين بن الأثير، وكان يستكتبه في المهمات، وكان يلازم الديوان، تطلع الشمس وتغرب عليه وهو في الديوان، أقام كاتب درج مقدار خمس وخمسين سنة.
وكان ساكناً خيّراً، ليس فيه شر البتة، محتملاً أذى رفاقه، رأيتهم وهم يسبونه في وجهه، ولا يرد عليهم، خصوصاً القاضي قطب الدين بن المكرم، كان يقول له: لعن الله والديك يا كلب يا ابن الكلب، يا عبد النّحس يا ابن الأمة، ولا يردّ عليه حرفاً. هذا وهو المقدّم على الجميع.
وكان أسمر اللون، قطط الشعر، صغير الذقن.
ولما حصل الفالج للقاضي علاء الدين بن الأثير، طلبه السلطان الملك الناصر محمد ليكتب بين يديه شيئاً في السر على أن يجعله كاتب سر، فلما أخذ الأمير سيف الدين ألجاي الدوادارية، ودخل به في دهليز القصر، أحدث في سراويله، فأعفي من الدخول، وكبرت سنّه، وعورت عينه، وانهدّت أركان قواه، وهو ملازم الخدمة،