كان من أطباء السلطان الملك الناصر محمد، لا يدخل الرئيس جمال الدين بن المغربي إلى دور السلطان في الغالب إلا وهو معه.
وكان شيخاً قد أسن، وأشبه الشن، نحيفاً مائل الرقبه، قليل البشر كما يقال، كأن وجهه عقبه، إلا أنه فاضل في صناعته، ماهر في إنفاق ما معه من بضاعته، على ذهنه شيء كثير من إقليدس، ومسائل مما يحتاج إليه المهندس، وعلى ذهنه جزء كبير من الطبيعي وغيره، ويستحضر كثيراً من كلام الأطباء الذين يحتاج إلى أن يكونوا سبب خيره. وكان سعيد العلاج، يكاد يبري الاستسقاء والانفلاج، لم يكن في عصره من له سعادة علاجه، ولا من يدخل إلى المريض بواسطة مزاجه. حضرت علاجه في جراحة القاضي شرف الدين ناظر الخاص، وكان إذا تكلم يسمع له والمجلس بالأفاضل غاص، وسمعت منه فوائد، وجمعت عنه فرائد.
ولم يزل السديد إلى أن حصل به الخطب الشديد، ولم ينفعه علاج قديم ولا جديد.
وهلك في سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة فيما أظن.
وكان قد قرأ على الشيخ علاء الدين بن النفيس، وحضر مباحثه مع قاضي القضاة جمال الدين بن واصل.