أول ما ظهر وشاع ذكره في الأيام الصالحية إسماعيل، وهو الذي جاء في أول دولة الكامل يطلب طقزتمر نائب الشام إلى مصر، ثم لما قتل المظفر حاجبي ظهر واشتهر، وباشر النيابة بمصر على أحسن ما يكون وأجمل ما باشره غيره لأنه أحسن إلى الناس وبسط لهم إلإيناس، ولم يظلم أحداً ولم يتخذ على من تهتك رصدا، وكان إذا مات أحد أعطى ولده إقطاعه، وكل من طلب منه شيئاً قال: سمعاً وطاعه، فأحبه الناس ودعوا، وحفظوا عهده ورعوا، ومشوا في ركابه وسعوا، وتباركوا بطلعته، وتقرب كل أحد إليه بنفاق سلعته، وكان الطاعون في أيامه، وذلك الوباء داخلاً في أقسامه، فيقال: إنه كفن مئة ألف أو يزيدون، وأعطى الإقطاعات للأولاد، أراد الأمراء ذلك أو لا يريدون.
قيل: إنه جاءت إليه امرأة وقالت: مات زوجي وليس له إلا إقطاعه وترك لي هاتين الابنتين، فرق لها، فقال لناظر الجيش: اكشف عبرته. فقال: خمسة عشر ألف، فقال: من يعطي في هذا عشرين ألف درهم فقال واحد: أنا أعطي اثني عشر ألف درهم فقال: هاتها، فوزنها، فقال للمرأة: خذي هذه الدراهم وجهزي بنتيك، وأعطى الإقطاع لذلك الذي سلم الدراهم.
وكان في النيابة فيه خير كثير، وإحسان إلى الناس غزير إلا أنه كان يعكف على حسو السلافه، ويرى أنه بتعاطي كؤوسها قد نال الخلافه، ماله رغبة في غير اجتلاء