يا أميراً له من الجود بحر ... فهو يجري لنا بغير وقوف
قد غرقنا في بحر هم وغم ... فطلعنا بذاك من شنطوف
ولما دخلت أنا في سنة سبع وعشرين وسبع مئة وجدت جماعة قد لهجوا بالمقامة التي أنشأها القاضي علاء الدين وسماها مراتع الغزلان، فكلفني بعض أصحابي الأعزة أن أنشئ رسالة في مادتها، فأنشأت رسالتي عبرة اللبيب بعبرة الكئيب.
[علي بن محمد بن سلمان بن حمائل]
الشيخ الإمام الصدر الرئيس الكاتب الشاعر، صدر الشام، القاضي علاء الدين بن غانم.
كان حسنة من حسنات الزمان، وبقية مما ترك أول الفضل والإحسان، ذا مروءة فاتت الواصف، وجود أخجل هتانه الغمام الواكف. تأذى من الدولة مرات، وما رجع عما له من العصبية والخير من كرات، يسدي الجميل إلى من يعرف والى من لا يعرف، ويتكل على الله تعالى فيما يتصرف بقلمه ويصرف. وكان وجيهاً في الدولة يعرف الناس قدره، ويعلمون أن المروءة لا تنزل إلا في قلبه، ولا تسكن إلا صدره.
وكان حسام الدين لاجين وقبجق والأفرم ومن بعده إلى تنكز يرعون قدره ويراعونه، ويعلمون أنه ما يبخل أ، يعير ماعونه، لا يبخل بجاهه وماله على أحد من أبناء جنسه، ولو أن ما يف كفه غير نفسه.
ولم يزل على حاله إلى أن حج وعاد إلى تبوك، فغنم ابن غانم أجله، وراح إلى الله تعالى، ولم يقصر به كرمه ولا اعتراه خجله.