الشيخ الإمام العالم الفقيه قاضي القضاة بالشام، الحوراني المحجّي الشافعي الأشعري.
كان قد تفقّه مدة لابن حنبل رضي الله عنه، ثم إنه انتقل الى مذهب الشافعي، وتميّز وناظر الأقران، وأخذ عن الشيخ صدر الدين بن الوكيل، وعن قاضي القضاة شمس الدين بن النقيب، وعن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني. وصار من الأعيان، ونظر القمر الى جماله وهو خزيان، وجالد فرسان البحث وجادلهم، وفضّ على الطلبة ما عنده في خزانة علمه وجاد لهم.
ولما باشر قضاء الشام وتولى بحكمه الأوامر والأحكام، باشر ذلك بصلف وأمانة، وعفاف لم تتطرق إليها جناية ولا خيانة، وكان ذا مهابة وسطوة على المريب، وشدة وطأة على القريب والغريب:
قاضٍ إذا التبس الأمران عنّ له ... رأيٌ يفرّق بين الماء واللبنِ
القائل الصدق فيه ما يضَرّ به ... والواحد الحالتين السرّ والعلن
الفاصل الحكم عيَّ الأولون به ... ومُظهر الحقّ للساهي وللذّهن
وكان فيه ديانة وحسن عقيدة، وله محاسن كل منها بيت القصيدة.
وكان في أيام نيابته لقاضي القضاة جلال الدين بدمشق قد قام على الشيخ تقي الدين بن تيمية في مسألة الزيارة، وسدّد سهمه إليه وأطلق زياره، وانتصب لهذا الأمر، وأوطأ قدميه على الجمر، ولم يُصلّ على جنازته، وتبرأ من حيازته.