فعفى عنه وطلبه إليه، وطيب قلبه وخلع عليه خلعة سنية، فلم يقبلها منه، وبقي في نفس الأفضلي منه إلى الآن يذمه حياً وميتاً. والرشيد ما دخل في الإسلام كرهاً، وقد كان يناصح المسلمين ويخدمهم في كل الأحوال.
قلت: وحكى لنا نجم الدين قاضي الرحبة ما رآه الرشيد من الشفاعة على أهل الرحبة، وحقن دمائهم، وكيف ساعدهم على خلاصهم من التتار، وإصلاح أمورهم مع الملك الناصر، وله في تبريز عظيمة من البر، وكان مشغولاً بسعادته عن معاداة الإسلام وكيده، ولم يكن يتبع إلا أعداه، ومن يقصد أذاه وسواء أكان مسلماً أو كافراً أو صالحاً أو فاسقاً.
[فضل بن عيسى]
الأمير الكبير شجاع الدين أخو الأمير حسام الدين مهنا بن عيسى.
كان ذا رأي وفضل، وخير عدل، وهمة بلغت السماك، وعزمة ليس لها عن الحزم انفكاك.
تولى إمرة آل فضل سنين عديده، ونزل من السعادة بروجاً مشيده، وأخذها منه موسى ابن أخيه في وقت وأعيدت إليه مع عود المقة وذهاب المقت.
وكان خبيراً بأخلاق السلطان، درباً بأحوال العربان، قد خبرهم وجربهم، وصرفهم على ما أراد، وسر بهم لما سر بهم، وكثرت إقطاعاته وأمواله، وزادت مواشيه وغلاله، ونمت عبيده وإماؤه، ومطرته بالسعادة والأمن سماؤه.
ولم يزل على حاله إلى أن فض لفضل ختم القبر وكسر كسراً ماله جبر.