عزوف عن الأسباب جذ حبالها ... فجذت بسيف من تقى غير مغمود
تخلى عن الدنيا وفارق أنسها ... وما طرفه يوماً إليها بمردود
ومثرٍ من التقوى فقير بدانة ... إلى الله مجذوب بأكمل تجريد
أخي وحبيبي مؤنسي ومصاحبي ... ومن كان عندي يومُ رؤيته عيدي
ومن كنت أتيه فيفرجُ أنسه ... إسارَ فؤادٍ في يد الحظ مصفودِ
بكيت وما يُجدي البكاءُ وخطبُه ... أشد ولكن ذاك غايةُ مجهودي
وذاك لأجلي لا له إذ مدامعي ... شفاءٌ لما في أضلعي من جوى مودي
وإلا فما أغنى عن الدمع إذ سرى ... عن المنزل الغاني إلى دار تخليد
وإني لأرجو اللطف بي في لحاقة ... فلم يبق إلا أن أنادي كما نودي
أمن بعد قربي من ثمانين حجةً ... يخادعني إخلاء نفسي وتفنيدي
وقد سار قبلي من تقدمتُ عصره ... ونمتُ كأني بالردى غيرُ مقصود
سقى جَدثاً قد حله صوبُ رحمةٍ ... يسح بتكريرٍ عليه وترديد
ولو لم أسل القلبَ عنه برؤيتي ... أخاه لأودى بي بكائي وتسهيدي
ولكن لي في أنسه بعد وحشةٍ، ... لها حرقٌ في مهجتي أي تبريد
وقد كانت الأيام تبسط لي المنى ... بصحبته قدماً فأنجزت موعودي
ولي في ابنه ظن جميل وإنه ... سيخلفه في الزهد والنسك والجود
فأحسن رب الناس فيه عزاءهُ ... وأجره فالأجرُ أفضلُ موجود
وجاد ثرى ذا نوء عفوٍ ورحمة ... وزان ذرى ذا نوءُ عز وتأييد
[إبراهيم بن محمد بن سعيد]
الصدر جمال الدين الطيبي السفار، رئيس العراق، والمعروف بابن السواملي