كان في أول أمره له مالٌ يسير، وسافر وأبعد في الصين، وفتح الله عليه، فاكتسب أموالاً جمةً، وبلغ الغاية، وتعدى في المال مدى النهاية، واستقبلَ من حاكم العراق بلاداً كباراً، وأماكن لا تلحق الريح لها غباراً.
وكان يؤدي المقرر، ويخصه باللؤلؤ المدور مع رفقة بالرعية، وتخفيف الوطأة عنهم في كل بلية، حتى أحبه الناس طراً، وصار غالبُ أهل تلك البلاد بإحسانه، عبداً، وإن كان حراً وصار بنوه ملوكاً مطاعين، ومطاعيم في النادي وفي الهيجا مطاعين.
ولي ابنه سراج الدين عمر نيابة الملك بالمعبر، وابنه محمد مالك شيراز، وابنه عز الدين كافل جميع الممالك التي لفارس.
وكان جمال الدين المذكور يعتقد في أهل الصلاح والخير، ويمدهم بالمؤونة والمير، يبعث في كل عام إلى الشيخ عز الدين الفاروثي ألف مثقال، ثم إن التتار مالوا عليه بالأخذ لماله حتى ضعضعُوه، وأكلوه بعدما احتلبوه وارتضعوه. وقلت أمواله، فانتقل إلى واسط لما دبرت الطيب، ولم يكن العيش يصفو بها ولا يطيب.
قال ابن منتاب: قال لي السواملي: ما بقي لي سوى هذا الحب، وفيه ثمانون