ولا حل، لأنه كانت لهم أرض قليلة يزرعونها ويتبلغون مما يستغلّونها ويستَغْلونها، وإنما كانت أخلاف البركات عليهم تدُر، واللطف الخفيّ يقر فيهم ولا يفر.
وكان الشيخ محمد كما قال الغزّي:
هو حيلة الدنيا وبقراط العلا ... وشكيمة الناجي وحرز المتّقي
أمواله لموفّرٍ ومقصّر ... ومقالهُ لمحصّل ومحقّق
ولم يزل الشيخ محمد، رحمه الله، على هذه الطريق الى أن جاء الأمير سيف الدين طشمر حِمّص أخضر الى حلب نائباً، فاشترى لزاوية الشيخ أرضاً ووقفها على الزاوية، فامتنع الشيخ من ذلك وامتعض، وارتمى الى عدم القبول وارتمض. فقال الأمير: إنما هذا للزاوية، وليس هو لك، فبعد لأي ما قبل ذلك، وهو غير راض. ثم إن الأمير سيف الدين طقزتمر لما جاء الى حلب نائباً أيضاً وقف على الزاوية أرضاً أخرى فاتّسع الرزقُ بذلك على أولاده، وفاض الخير عليهم ببركات الشيخ.
ولم يزل على حاله حتى تنبّه الأجل لابن نبهان من رقدته، وعجّل الله له بالرحمة في أول نقدته.
وجاء الخبر بوفاته رحمه الله تعالى في شعبان سنة أربع وأربعين وسبع مئة، وصلي عليه بالجامع الأموي صلاة الغائب.
ولم نسمع عن الشيخ إلا صلاحاً وخيراً، وكان نُواب حلب جميعهم يعظّمونه، ويجلّونه، ويكرمونه، ويقبلون شفاعاته ويعملون بإشاراته، وكان منقطعاً عن الناس، منجمعاً.