الفرنج الحمس، ولكن الله رد كيده في نحره، وأغرقه لما طغى في بحره، وما نفعه جيشه الذي لا يحصى، ولا أمره الذي كان لا يرد ولا يعصى، وقتل هو وجنده، ومن اعتقد أنه بيده يشد بنده، وسلخ بعد ذلك الصبر والجلد جلده، وحشني قطنا، وعلق على باب غرناطة، وطال في العذاب خلده.
وكان هلاكه في سنة تسع عشر وسبع مئة.
وكان من خبر هذا الطاغية أن الفرنج حشدوا ونفروا من البلاد، وذهب سلطانهم ذون بطرو إلى طليطلة ودخل على الباب، وسجد له وتضرع، وطلب منه استئصال ما بقي بالأندلس من المسلمين، وأكد عزمه، فقلق المسلمون، وعزموا على الاستنجاد بالمريني، ونفذوا إليه فلم ينجع، فلجأ أهل غرناطة إلى الله تعالى. وأقبل الفرنج إلى المسلمين في جيش لا يحصى، فيه خمسة وعشرون ملكاً، فقتل الجميع عن بكرة أبيهم، وأقل ما قيل أنه قتل في هذه الملحمة خمسون ألفاً، وأكثر ما قيل ثمانون ألفاً، وكان نصراً عزيزاً ويوماً مشهوداً، والعجب أنه لم يقتل من المسلمين سوى ثلاثة عشر فارساً، وكان عسكر الإسلام ألف وخمس مئة فارس، والرجالة نحواً من أربعة آلاف. وقيل: دون ذلك.
وكانت الغنيمة ذهباً وفضة سبعين قنطاراً، وأما الدواب والقماش والعدد فشيء لا يحصى كثرةً، وبقي المسلمون يحتاجون إلى ما ينفقونه على الأسرى لقوتهم وقوت من يحرسهم ويحرس الدواب، فكان في كل يوم خمسة آلاف درهم، وبقي المبيع في الدواب والأسرى والغنائم ستة أشهر متوالية، ومل الناس من طول البيع وداخلهم العجز والكسل.
وكانت الواقعة في صبيحة يوم الاثنين خامس عشر شهر ربيع الأول سنة تسع