تونس وطرابلس والمهدية وقابس وتوزر وسوسة، البربري المغربي الهنتاني المالكي اللحياني.
كان فقيها، فاضلا نبيها. قد أتقن العربية، واطلع على غوامض المعاني الأدبية، ونظم الشعر، وأتى فيه بالسحر. وكانت له فضائل، وعنده من العلم خمائر كأنها خمائل. إلا أنه كان مبخلا، فلذلك لم يستمر مبجلا.
ملك هذه النواحي، وحكم على مدنها والضواحي، وابتسمت بملكه الثغور البسامة من الأقاحي. ثم إنه رفض ملكه، وقطع من ذلك سلكه. وجاء إلى الإسكندرية وأقام بها واتخذها وطنا، ولم يضق بذلك عطنا.
ولم يزل على حاله إلى أن أغمض طرفه، ومال عليه من الموت جرفه.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في المحرم سنة سبع وعشرين وسبع مئة.
ومولده بتونس سنة نيف وأربعين وست مئة.
كان اللحياني قد وزر لابن عمه المستنصر مدة، ثم إنه ملك سنة ثمانين وست مئة، ثم خلع، ثم إنه حج سنة تسع وسبع مئة، واجتمع بالشيخ تقي الدين بن تيمية.
ورد إلى تونس وقد مات صاحبها، فملكوه سنة ثماني عشرة وسبع مئة، فوثب على تونس قرابته أبو بكر، فسار اللحياني إلى ثغر إسكندرية إحدى وعشرين وسبع مئة، وقد رفض الملك، وأقام بها إلى أن مات.
وكان جدهم من أكبر أصحاب ابن تومرت، وكان اللحياني قد أسقط من الخطبة ذكر المهدي المعصوم، وكان جد أبيه قد ملك الغرب بضعاً وعشرين سنة، ثم ابنه