ولم يزل على حاله في تقلب الدهر به إلى أن جاءه الأمر المقضي، وتصبح من موته بما لا يرضي.
وتوفي رحمه الله تعالى في ثامن شهر رجب سنة ثمان وسبع مئة.
باشر نظر الديوان بحلب مرات، وطلب إلى مصر وصودر، وأخذ منه على ما قيل: أربع مئة ألف درهم.
وكان شرف الدين بن مزهر في تلك الأيام بمصر، وكان يحضر في دار الوزارة بقلعة الجبل، ويشكو عطلته وبطالته وضيق ذات يده، ويقول: والله ما تعشيت البارحة إلا على سماط عماد الدين بن ريان، يا قوم ما هذا إلا رجل كريم النفس، كان البارحة على سماطه من الحلاوة أربعة صحون، وكان.. وكان..، ويعدد أشياء، يقصد بذلك أذاه في الباطن، وهو في الظاهر يثني عليه ويتغمم له لأنه كان تلك المدة يحمل في المصادرة، وحط عليه الجاشنكير، وقال: ما بقيت أستخدمه في ديوان السلطان أبداً. فقال الأمير سيف الدين سلار: أنا أستخدمه في ديواني، فجعله ناظر ديوانه في دمشق، فحضر إليها، ورأى فيها من السعادة والوجاهة والتقدم أمراً زائداً عن الحد، وصحب الناس فيها، وعاشر أهلها ورؤساءها من أرباب السيوف والأعلام، وظهر بمكارم أخجلت صوب الغمام.
ولما كان في رابع شوال وصل شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب فخر الدين بن الخليلي مباشراً ديوان سلار عوضاً عن عماد الدين بن ريان، وذلك سنة سبع وسبع مئة. ولم يزل إلى أن حج وعاد مع الركب المصري، ورسم له بنظر حلب على عادته، وأخذ توقيعه بذلك، وحضر إلى دمشق فمرض بها، ومات رحمه الله تعالى.