وكان بعد شيخنا الذهبي قائماً بهذا الشأن في الشام، وبعده لم يبق في هذا الفن بشاشة تشتام.
وله تواليف كتبت عليها أنا وغيري من فضلاء العصر تقريضا، ومدحناه فيها تصريحاً لا تعريضا.
ولم يزل بدمشق على حاله إلى أن تعثر سعيد في طريق أجله، وراح إلى الله تعالى في عجله، لأنه بصق دماً يومين، ومات في الثالث رحمه الله تعالى وذلك في خامس عشري القعدة سنة تسع وأربعين في طاعون دمشق.
ومولده سنة اثنتي عشرة وسبع مئة.
وكان قد سمع علي بعض تواليفي.
قال شيخنا الذهبي: سمع المزي من السروجي عنه. ومن تصانيفه كتاب تفتت الأكباد في واقعة بغداد، وكتبت له عليه تقريضاً. والرحلة الثانية إلى مصر، وكتبت له عليها ما نسخته: وقفت على هذا السلك الذي جمع در القريض، والروض الذي تنظر النجوم الزهر إلى زهره استحياءً بطرف غضيض، والسحر الذي ما نفث مثله في أحشاء العشاق كل طرف فاتر ولا جفن مريض، والأدب الذي لو حاوله شاعر لوقع منه في الطويل العريض، لأنه اختيار الشيخ الإمام الرحال الجوال نجم الدين سعيد الدهلي الحريري الحنبلي أدام الله به الانتفاع، وشنف بأقواله الأسماع:
إمام إذا ناداه في الفضل حاسد ... تعثّر علما إنّ ذاك سعيد
كذلك لو جاراه في أمد العلا ... لقلنا اقتصر فالنجم منك بعيد
ولم يسمه بالفوائد سدى، ولا وسمه بهذه السمة إلا وهي واضحة الهدى، علماً منه بأن الفاضل لن يجهله، وأن الفوائد جمع لا نظير له، فالله تعالى يمتع الفضلاء بفوائده