أثمر. أومأ بنان تبلجها إلى طرق الهداية وأشار، ودل على نهج التبصر وكيف لا وهي علم في رأسه نار. كأنما هي قلم امتد بما أليق من ذهب، أو صعدة إلا أن سنانها من لهب، وحسبها كرماً أن جادت بنفسها، وأعلنت بإمتاعها على همود حسها، سائلها في الجود بامثالها مسؤول، ودمه بالعفو للصفو من سماحتها مطلول. تحيتها: عموا صباحاً بتألف فجرها، وتمام بدرها في أوائل شهرها. قد جمعت من ماء دمعها ونار توقدها بين نقيضين، ومن حسن تأثيرها وعين تبصرها بين الأثر والعين. كم شوهد منها في مدلهم الليل للشمس وضحاها، ومن تمام نورها للنجم إذا تلاها، وكم طوى باع أنملتها المضيئة رداء الليل إذا يغشاها. قد غيرت ببياض ساطع نورها على الليل من أثواب الحداد، وتنزلت منه منزلة النور الباصر ولا شبهة أن النور في السواد. إن تمايل لسان نورها فالإضاءة ذات اليمين وذات الشمال، وإن استقام على طريقة الإنارة فلما يلزم إنارتها من الإكمال. نارها إنما هو من تلاعب الهوى بحشاها، ونحولها بمكابدة تعذيبها بما من الاصفرار يغشاها. كم عقدت على سفك دمها مع البراءة من العقوق من محافل، وكم قتلت على إطفاء نائرها، ولا ثائرة من قاتل، فهي السليمة التي كم بات من زبان صرفها بليله السليم، وكم أجدى نفسها على نفسها بنفح روح ربها من عذاب أليم.