للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملك الصالح في يوم الاثنين ثاني شوال سنة خمس وخمسين وسبع مئة، وأخرج السلطان الملك الناصر حسن وأجلسه على التخت، وحلف له هو والعساكر، وأخرج الأمير سيف الدين طاز إلى حلب نائبا ومعه إخوته، واستقر هو بالقاهرة على حاله، كل الأمور راجعة إلى أمره، وزادت عظمته بعد ذلك، وزادت أملاكه وإقطاعه ومستأجراته بالشام وبالديار المصرية، وصار نوابه بالشام في كل مدينة أمراء كباراً، وخدموه وبالغوا، إلى أن قيل: إنه كان يدخل ديوانه من إقطاعه وأملاكه ومستأجراته في كل يوم مبلغ مئتي ألف درهم وأكثر، وهذا شيء لم نسمع به في هذه الدولة التركية.

وعمر المدرسة العظيمة، والخانقاه المليحة، والتربة الحسنة في الصليبة، وقرر في المدرسة الأربعة مذاهب، ووقف عليها الوقوف العظيمة.

ولم يزل على حاله إلى أن كان يوم الخميس ثامن شعبان سنة ثمان وخمسين وسبع مئة، فخرج شخص من مماليك السلطان المرتجعية عن الأمير سيف الدين منجك يدعى باي قجا، لما جلس السلطان في دار العدل وأذن للخاصكية بالدخول، فوثب عليه وضربه بالسيف في وجهه وفي يده. وكانت واقعةً صعبة، ومات من الزحمة على ما قيل يوم ذاك جماعة، وكان يوماً عظيماً. وركب عشرة من مقدمي الألوف ملبسين وتوجهوا إلى قبة النصر، وأمسك باي قجا المذكور، وقرر فلم يقر على أحد، وقال: أنا قدمت إليه قصة لينقلني من الخاصكية إلى الإقطاع فما قضى شغلي، فبقي هذا الأمر في نفسي. ثم إنه بعد مدة سمر باي قجا وطيف به في الشوارع.

واستمر الأمير سيف الدين عليلاً من تلك الجراحة، ولم يصعد منها إلى القلعة إلى أن خرج السلطان إلى سرياقوس، ولم ينزل بها، ثم إنه دخل المدينة قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>