كان فيه دهاء وخدع، وصد عن الحق وصدع، لا يهاب أميراً ولا وزيرا، ولا يخاف كبيرا ولا صغيرا، له إقدام على السلطان، وعنده تختل ما يهتدي إليه الشيطان. قدمه السلطان وقربه، وأدناه لما عرفه وجر به كثيراً من مراده لما جربه. إلى أن خافه الأمراء، وهابه الكبراء.
ولم يزل على ذلك إلى أن فارق الحياة، فجاءه الموت فجاءه، وقطع من الحياة أصله ورجاءه.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة ست وثلاثين وسبع مئة.
كان نقيباً صغيراً، فلما توفي الأمير عز الدين دقماق نقيب النقباء أمره السلطان وجعله مكانه، وقدمه وعظمه، وصار يدخل إليه على ضوء الشمع، ويتحدث معه في كل ما يريد، حتى خافه الأمراء الكبار وخافه النشو ناظر الخاص، على ما فيه.
ثم إنه توجه مع السلطان في السنة المذكورة، لما وصل في تلك السفرة إلى خانق دندرا وعاد، فلما قارب القاهرة وقف صاروجا على بعض المعادي ليعدي الأطلاب، فوقف على بعض الجسور ومد يده بالعصا ليضرب شخصاً تعدى مكانه، فرفع يده بالعصا، فوقع من أعلى الفرس إلى الأرض ميتا.