وتوفي - رحمه الله تعالى - في تاسع جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وسبع مئة.
وكان الأمير سيف الدين طقزتمر أولاً مملوك المؤيد صاحب حماة، وقدمه للسلطان، وأقبل عليه، وقدمه، وأمره، وما كان يعد نفسه في بيت السلطان إلا غريباً، لأنه لم يكن له خوشداش يعتضد به. ولم يزل كبيراً معظماً من طبقة أرغون ومن بعده إلى آخر وقت، تقلبت عليه ثلاث أربع طبقات وراحت، وهو على حاله، لم يتغير عليه السلطان قط.
وهو الذي ينسب إليه حكر طقزتمر ظاهرة القاهرة، وفيه الحمام المليح، وله الربع الذي برا باب زويلة، وكان أولاً يعرف بدار التفاح، وله غير ذلك.
وزوج السلطان ابنته بابنه الملك المنصور أبي بكر، وتزوج ابنته الأخرى الملك الصالح إسماعيل، وجاء في خطبتها إلى دمشق الأمير سيف الدين ملكتمر الحجازي، وأوصى السلطان بأن يكون بعده نائباً، فلما أحضر له المنصور التشريف بالنيابة اقتنع، فقال له: كنت امتنعت لما وصى السلطان بذلك؟ ولم يزل بمصر نائباً ذينك الشهرين مدة سلطنة أبي بكر إلى أن جرى ما جرى وخلع.
ولما تولى الأشراف كجك طلب طقزتمر نيابة حماة، فأمروا له بها، وكان بها إذ ذاك الملك الأفضل محمد بن المؤيد، فأخرج الأفضل من حماة إلى دمشق، وحضر طقزتمر إلى حماة نائباً، فهو أول من خرج إليها نائباً بعد صاحبها الأفضل. ولقد سمعت الأمير علاء الدين ألطنبغا نائب دمشق يقول في دار عدله، وقد جاء الخبر بذلك: كل شيء تزرعه تحصده، إلا ابن آدم إذا زرعته حصدك، هذا طقزتمر مملوك بيت أصحاب حماة قدموه لأستاذنا، وزرعوه بذلك فحصدهم، وأخرجهم منها.