فأحضرها، ووضعها في صندوق الحاصل، فلما كان بعد أيام نعس الناظر، فجناه خمس مئة درهم.
وكان يوماً في صفد جالساً على البرج والهواء يتخفق في أعلى القلعة، فلعب الهواء بذيله، فوضعه تحت فخذه، فلعب الهواء به ثانياً، فشال فخذه ووضعه تحته، فلعب به ثالثاً فنزعه عنه وألقاه على الأرض، وضربه بالعصي إلى أن قطعه.
وكان الأمير سيف الدين أرقطاي كثير البسط والانشراح، فجاءه بعض أمراء العربان فانبسط عليه، وقال: أطلعوه القلعة، فجاؤوا به وهو واقف في عمارة القلعة، فلما رآه، قال: هات قيداً، وقيده به، وأداره في العمل تحت الحجارة والكلس، فقالوا: يا خوند إنما ملك الأمراء يلعب معه. فقال: والك، أنا عندي لعب!؟ وتعب الناس في خلاصه منه، إلى أن اجتمع به في الخدمة، وشفع فيه حتى أطلقه.
وكان يقف في عمارة القلعة من طلوع الشمس إلى مغيبها، وإذا كان الليل نام على قفاه، ورفع رجليه مع الحائط، وقد عصبها بالفصاديات، وقمطها، ويعطي الصانع الدراهم من عنده، وهو يضربه بالعصا التي في يده، وقلما ضرب أحداً إلا أجرى دمه، لأنه ما كان يكون في يده عصاً إلا ما تصلح أن تكون نصاب دبوس، رحمه الله.
وفيه يقول علاء الدين الوداعي - وقد كان عنده في البيرة كاتب درج -، ومن خطه نقلت: