فتوجه إليها ثالث مرة نائبا، ولم يزل بها إلى أن رسم له الصالح بالتوجه إلى صفد، فتوجه من طرابلس إليها وأقام بها إلى أن توفي في التاريخ المذكور، ودفن في مغارة يعقوب عليه السلام بصفد في قبر كان طشتمر حمص أخضر قد أعده لنفسه.
ولما أتى في المرة الثانية إلى طرابلس في شهر ربيع الآخر في سنة خمس وثلاثين وسبع مئة كان يجهز مطالعته إلى السلطان مفتوحة على يد البريدي الذي هو من جهته، ليقف عليها تنكز ويقرأها ويختمها ويجهزها.
وكان السلطان قد جهزه بمصر هو والأمير ركن الدين بيبرس الحاجب إلى اليمن نجدةً لصاحبها، ومعهما ألف فارس في شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وسبع مئة.
وكتب إليه مرة كتاباً من طرابلس يهنئ فيه الأمير سيف الدين تنكز بقدومه من صيد الطير، ويذكر فيه أنه هو كان أيضا غائباً في الصيد، فكتبت أنا الجواب إليه عنه ونسخته: أعز الله أنصار المقر الكريم العالي المولوي الأميري السيفي، وجمع شمل المسرات إليه جميعا، وجعل حرمه على الخطوب محرما وزمنه كله ربيعا، وأظفره من الصيد بما يلقى لديه في الدو صريعا، ويخر له من الجو صريعا، المملوك يقبل اليد الكريمة التي أصبح الجود لها مطيعا، ويخدم بالدعاء الذي يظن لصدقه في رفعه أن الله يكون له سميعا، ويصف الولاء الذي إذا دعا الإخلاص لباه سريعا، ويبث الثناء الذي ملأ الأسماع جمره جوهرا، والصحف بديهاً بديعا، وينهي ورود المشرفة العالية،