علم الدين على هذه الوظيفة إلى أن خرج القاضي علم الدين بن القطب من مصر إلى دمشق، فخلت عنه وظيفة استيفاء الصحبة، وخرج إلى حلب وكشف القلاع، وحصل أموالاً. وبقي على ذلك إلى أن أمسك جمال الكفاة في واقعته الأخيرة، ومات تحت العقوبة، فنقل القاضي موفق الدين إلى نظر الخاص، فبقي قليلاً، وطلب الإعفاء فأعفوه، وتولى علم الدين بن زنبور الخاص، وأضيف إليه من الجيش بعد القاضي أمين الدين، ولم يزل على ذلك إلى أن أمسك الأمير سيف الدين منجك الوزير، فأضيفت الوزارة إلى ابن زنبور، وهذا أمر ما اتفق لغيره أبداً، ولا سمعنا به وإنما كان الجيش والخاص مع جمال الكفاة، وهذه الوظائف الثلاث، هي عبارة عن الدولة إلا كتابة السر، فعلم الدين بن زنبور، أول من جمع له هذه الوظائف.
وبقي على ذلك إلى أن خرج السلطان الملك الصالح صالح إلى الشام في واقعة بيبغاروس، فحضر معه إلى دمشق وأظهر في دمشق عظمة زائدة، وروع الكتاب ومباشري الأوقاف ولكنه لم يضرب أحداً، ولا كشف رأسه، وتوجه مع السلطان عائداً إلى مصر، في أوائل ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة. ولما وصل عمل السلطان سماطا عظيماً، وخلع فيه على الأمراء كبارهم وصغارهم، وكان تشريف الأمير صرغتمش ناقصاً عن غيره، وكان في قلبه من الوزير، فدخل إلى الأمير سيف الدين طاز وأراه تشريفه، وقال: هكذا يكون تشريفي، واتفق معه على إمساك ابن زنبور. وخرج من عنده وطلبه وأهانه وضربه ورسم عليه وجد في ضربه، ومصادرته، فأخذ منه من الذهب والفضة والقماش والأصناف والكراع والأملاك ما يزيد على الحد، ويتوهم الناقل لذلك أنه ما يصدق في ذلك، ويستحيي العاقل من