مغلطاي الجمالي، فقال له السلطان. اخرج نفذ أشغالك إلى آخر النهار وانزل إلى بيتك واسترح، وأعلم الناس أن الوزير فلان. فخرج ونفذ الأشغال، وكتب على التواقيع، وأطلق ورتب إلى آخر النهار، ونزل آخر النهار إلى بيته بالمشاعل والفوانيس على عادة الوزير، والنظار والمستوفون والمنشدون قدامه، ولما نزل على باب بيته قال: يا جماعة مساكم الله بالخير، ووزيركم غداً علاء الدين مغلطاي الجمالي، وكان ذلك عزلاً لم يعزله وزير غيره في الدولة التركية، وذلك يوم الخميس ثامن شهر رمضان سنة أربع وعشرين وسبع مئة.
ثم لازم بيته يأكل مرتبه إلى أن عمل الاستيمار في أيام الجمالي، ووفر فيه جماعة، فطلب هو من السلطان أن يتصدق عليه بوظيفة، فقال السلطان تكون ناظر الدولة كبيراً مع الوزير، فباشر النظر في شوال سنة ثمان وعشرين وسبع مئة هو والقاضي مجد الدين بن لفيتة أربعين يوماً فكان حمله على الجميع ثقيلاً. فاجتمع الكتاب بأجمعهم عليه، وقاموا كتفاً واحدة، فما كان إلا أن كان يوماً وهو قاعد في باب الوزير لخدمة العصر، وإذا خادم صغير خرج من القصر وجاء إلى باب الوزير وأغلق دواته وقال: يا مولانا بسم الله الزم بيتك، فلزم بيته.
ولما أمسك الصاحب شمس الدين غبريال وجاء السلطان من الحجاز وطلب غبريال إلى مصر رسم السلطان للصاحب أمين الدين بمكانه ناظر النظار بدمشق، وذلك في صفر سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة، فأقام بها بعمل الوزارة إلى أن أمسك السلطان النشو ناظر الخاص في سنة أربعين وسبع مئة، طلب الصاحب أمين الدين إلى مصر ليوليه الوزارة، فعمل الكتاب عليه وسعوا في أمره إلى أن انثنى عزمه عنه، فأقام في بيته قليلاً، ثم أمسك هو ووالده القاضي تاج الدين ناظر الدولة والقاضي كريم الدين مستوفي الصحبة، وصودروا، وبسط عليهم العذاب إلى أتوفي هو رحمه الله تعالى تحت العقاب في سنة أربعين وسبع مئة.
وكان الصاحب أمين الدين كثير التواضع والأدب مع جميع الناس كبارهم وصغارهم، وكان قد أسن وكبر، ولا يدخل عليه أحد إلا يقوم له، ويحكى عقيب