أول ما علمته من أمره أنه كان رحمه الله ناظر البيوت في آخر أيام الملك الناصر محمد، ثم إنه بعد ذلك تولى نظر الدولة، وأمسك مع القاضي جمال الدين جمال الكفاة، ونجاه الله من تلك الفتنة وكانت واقعة عجيبة، وصودر فيها جماعة، ومات آخرون وهلك جماعة من العقوبة.
ثم إنه تولى نظر الخاص بعد جمال الكفاة، ولما تولى نظر الخاص كتب اسمه: عبد الله، وقبل ذلك إنما كان اسمه: هبة الله، وكذا كان يكتبه، فلما ولي الخاص كتب: عبد الله، واستمر على ذلك إلى آخر وقت، ثم إنه طلب الإعفاء من نظر الخاص، وأعيد إلى نظر الدولة، وتولى علم الدين بن زنبور نظر الخاص، ولم يزل موفق الدين على نظر الدولة إلى أن أمسك ابن زنبور الوزير، فتولى موفق الدين الوزارة، وأقيم معه الأمير ناصر الدين محمد بن المحسني مشيراً، وكان يجلس معه إلى آخر وقت.
وكان القاضي موفق الدين خيرا، باطنه لا يزال بمحبة الفقراء نيرا، يميل إلى الصلحاء ويبرهم، ويحسن إليهم بما يستروح إليه سرهم، ولا يرد فقيرا، ولو كان ما يعطيه نقيرا، ولا يزال على مصالحهم يثابر، وليس كمن يأخذ من نهاوش ويضعه في نهابر.
وكانت أخلاقه سهله، وغضبه مثل ثم تقتضي التراخي والمهله، دائم البشر، فائح النشر، وكان يحب الفضلاء ويدنيهم، ويود قربهم ويعينهم ويغنيهم، وخطه