ولما وصل بيبغاروس ومن معه إلى دمشق نزل على قبة يلبغا ظاهر دمشق، وتوجه أحمد الساقي ومعه ألف فارس، وأقام على المزيريب مدة أربعة وعشرين يوماً ولما وصل الأمير سيف الدينين طاز إلى لد هرب ابن دلغادر من دمشق، وجاء بيبغاروس إلى المزيريب، واجتمع وباتا ليلةً، ثم إنهما هربا بمن معهما من العساكر إلى حلب.
ووصل السلطان الملك الصالح إلى دمشق، وجهز الأمير سيف الدين شيخو، والأمير سيف الدين طاز، والأمير سيف الدين أرغون الكاملي إلى حلب، فهرب بيبغاروس ومن معه، واجتمعوا بابن دلغارين، وأقاموا هناك يعيثون في الأرض، إلى أن أمسك ابن دلغادر أحمد وبكلمش، وجهزها إلى حلب، فوصلا إليها، والأمير سيف الدين أرغون الكاملي بها نائب في ثاني عشر ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة، فاعتقلا بقلعة حلب، وطلع بأمرهما، فعاد الجواب على يد سيف الدين طيدمر أخي طاز بأن يجهز رأسيهما، فحزّ رأس أحمد وبكلمش في حلب في العشر الأوسط من شهر الله المحرّم سنة أربع وخمسين وسبع مئة، وتوجّه بهما المذكور إلى مصر، وكان ذلك آخر أمر الساقي، والله الباقي.
وكان هذا أمير أحمد شاباً طويلاً رقيقاً، تراه بالإقدام والشجاعة حقيقياً، حلو الوجه خفيف اللحية، يعلوه رونق، وعليه قبول وحظّ ما فرح به السدير في أيامه ولا الخورنق، يميل إلى الصورة المليحة، ويتعبد بهواها كل بكرة وصبيحة، لا يملك نفسه إذا رأى وجهاً حسناً، ولا يرجع إلى عذل من يرده عن ذلك ولو كان لسناً،