ولم يزل على حاله إلى أن صلي عليه، وامتدت يد البلى إليه. وتوفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء، ثامن ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبع مئة في طاعون دمشق، بصق دماً على العادة. وخرج جنازته ومعها خمس جنائز من بيته فيما أظن أو أكثر، لأنه مات منهم في جمعة جماعة.
لما مات أخوه الخطيب بدر الدين محمد، ولي الأمير علاء الدين ألطنبغا الخطابة للعلامة تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى، وباشر الخطابة إلى أن ملك الفخري دمشق، فولي الخطابة لتاج الدين هذا.
وكتبت له توقيعاً من رأس القلم ارتجالاً، جاء أوله:" الحمد لله الذي رفع تاج الدين على رأس المنابر، وأنطق بأوصافه ألسنة الأقلام في أفواه المحابر.. ".
ولما طلب قاضي القضاة إلى مصر في أيام الصالح إسماعيل تولى الخطابة من هناك، وكان يطلع على المنبر ويجلس قبل الخطبة ويبكي ويقول: هذا السبكي قد أخذ الخطابة وقطع رزقنا، فكان يرق العوام له، ويبكون معه.
ولما جاء قاضي القضاة إلى دمشق نزل له عنها، فاستمر تاج الدين يخطب بالجامع الأموي من سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة إلى أن توفي في سنة تسع وأربعين وسبع مئة.
وكان خطيب جامع بشتاك الذي على بركة الفيل، وهو أول من خطب به، وكان معه بدمشق تدريس المدرسة الشامية الجوانية وتصدير بالجامع الأموي.
وقرأ كثيراً من العربية على الشيخ الإمام بهاء الدين بن عقيل وكثيراً من الأصول على العلامة الشيخ شمس الدين الأصبهاني.