وكان كثيراً ما يحكي ويتعيش بوقائعه مع الأمير علم الدين أرجواش نائب قلعة دمشق، لأنه كان به خصيصاً، لا يكاد يصبر عنه. حضر إلى صفد في وقت، وكان الأمير علم الدين سنجر الساقي مشد الديوان بصفد ووالي الولاة، وهو متزوج بابنة أرجواش فتركها في مخدع بحيث تسمع، وأحضر الشيخ عبد الغني واستحكاه، فأخذ يحكي عن أرجواش، ومما حكاه أنه لما توفي الملك المنصور، قال: يا عبد الغني، أحضر لي مقرئين يقرؤون ختمة للسلطان، قال: فأحضرت له جماعة، وجلس أمامهم وإلى جانبه دبوس، وأخذ أولئك يقرؤون على العادة، فقال: دعهم يقرؤون عالياً، ليسمع السلطان في قبره، فقلت لهم: ارفعوا أصواتكم بالقراءة، فقفزوا وما فرغوا منها إلى ربع الليل، فقلت: يا خوند فرغوا، فقال: دعهم ليقرؤوا ختمة أخرى فقال، فقلت لهم: ابدؤوا في أخرى فشرعوا في الثانية، وما فرغوا منها إلى نصف الليل، فقلت: يا خوند فرغوا بسعادتك، فقال: لا، السموات ثلاث، والأرض ثلاثة، والبحار ثلاثة، والمعادن ثلاثة، كل شيء في الدنيا ثلاثة ثلاثة، يقرؤون الأخرة تتمة ثلاثة، فقلت لهم: يا مساكين اقرؤوا أخرى، واحمدوا الله واشكروه كونه ما عرف أن السموات سبع والأرض سبع، فما فرغوا حتى أشرفوا على الهلاك، لأنهم من المغرب إلى بكرة في عياط، فقلت: يا خوند فرغوا، فقال: رسم عليهم إلى بكرة، فإذا تعالى النهار، اكتب عليهم حجة تحت الساعات بالله وبالقيامة الشريفة أن ثواب هذه الختمة لأستاذنا السلطان الملك المنصور، وهات الحجة إلي واعطهم مئة درهم. فما ملكت ابنة أرجواش نفسها، بل فتحت الباب، وخرجت إلى الشيخ عبد الغني ونتفت ذقنه، وخربت عمامته، فخرج منها، وهي تشيخه وتسبه، وأما زوجها؛ فقاسى منها شدة.