فكتب هو إلي:
شرفت غرس الدين حين قرأت ما ... أمليت من خطب أجدت شياتها
فصاحة لو أن قساً حاضر ... لرآك تسبقه إلى غاياتها
يا فخر دهر أنت من بلغائه ... وعلا ليال أنت من ساداتها
خطبي التي أنشأتها ما أنت من ... خطابها فتجاف عن علاتها
عظمتها وبررتها وجبرتها ... وغفرت ما قد كان من زلاتها
فلأنت أكرم فاضل لما بدت ... لعيانه غطى على عوراتها
فاسلم ودم ما رنحت ريح الصبا ... أعطاف غصن الروض في هباتها
وأنشدني لنفسه في شبابة، وقد وجدتها فيما بعد في ديوان جوبان القواس بخطه:
وناطقة بأفواه ثمان ... تميل بعقل ذي اللب العفيف
لكل فم لسان مستعار ... يخالف بين تقطيع الحروف
تخاطبنا بلفظ لا يعيه ... سوى من كان ذا طبع لطيف
فضيحة عاشق ونديم راع ... وعزة موكب ومدام صوفي
فأنشدته أنا لنفسي ملغزاً في الكمنجا:
ما اسم إذا خفت هماً ... رأيت لي فيه منجا
يشدو بلحن عجيب ... حروفه ما تهجى
كم قد شجاك بصوت ... من الحمائم أشجى
إن لم يجئ لك طوعاً ... في الحل فهو كمن جا
فأعجبه ذلك وزهزه وطرب.