للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب، والأمراء تركب في خدمته. وبالجملة ما رأى أحد من المتعممين ما رآه القاضي كريم الدين.

ولما ورد في صفر سنة ثماني عشرة وسبع مئة أمر ببناء جامع في آخر القبيبات بدمشق، فعمره الصاحب شمس الدين غبريال، وأخذ في العمل فيه بعد سفره.

قيل: إنه طلبه السلطان يوماً إلى الدور فدخل، وعادت الخزندارة تروح وتجيء مرات فيما تطلبه الخوندة طغاي، فقال له السلطان: يا قاضي! أيش حاجة لهذا التطويل بنتك، ما تختبئ منك، ادخل إليها، وأبصر الذي تريده أفعله، فقام، ودخل إليها وسير قال لها: أبوك هنا، أبصري له ما يأكل، فأخرجت له طعاماً، وقام السلطان إلى كرمة في الدور، وقطع منها عنباً، وأحضره في يده، وهو ينفخه من الغبار، وغسله بماء بيده، وقال: يا قاضي، كل من عنب دورنا، هذا أمر ما فرح به متعمم.

وكان إذا أراد أن يعمل سوءاً، ويراه قد أقبل يقول: جاء القاضي وما يدعنا نعمل شيئاً مما نريده، فيحدثه في إبطال ما كان قد هم به من الشر، وفي مدة حياة القاضي كريم الدين لم يقع من السلطان إلا خير.

وأما مكارمه فحكى لي غير واحد بالقاهرة جماعة لا يمكن تواطؤهم على نقل باطل: أنه حضرت إليه امرأة رفعت له قصة تطلب فيها إزاراً، فوقع في ظاهرها إلى الصيرفي بصرف مبلغ ثماني مئة درهم، فلما رأى الصيرفي ذلك؛ أنكره، وأوقفها، وتوجه إليه، وقال: يا سيدي، هذه سألت إزاراً والإزار ما ثمنه هذا المبلغ، فقال له:

<<  <  ج: ص:  >  >>