للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس طلب البابا، وجهز إلى الوالي، فقال له رفاقه: ما كان القاضي كريم الدين وعدك، روح إليه، فقال: يا قوم، إنسان قد أمسك وصودر، أروح إليه! فراح إليه، وكان قد أمر بالمقام في القرافة، فلما دخل إليه؛ شكا حاله، فقال: يا بني، جئت إلي وأنا في هذه الحالة، ثم إنه رفع المقعد، وقال له: خذ هذه الحالة، ثم إنه رفع المقعد، وقال له: خذ هذه الدراهم، استعن بها، كانت قريب الألفين، فلما أخذها وخرج؛ قال لذلك العبد: ما كنت قد أعطيتك حياصة ذهب لهذا البابا؟ فقال: نعم، وهي معي، فقال: هاتها، فأخذها، وطلب البابا، ودفعها إليه، وقال: هذه الحياصة أعطهم إياها والدراهم أنفقها، فطلع بالحياصة، وأعطا للمملوك، فدخل بها المملوك للأمير سيف الدين بكتمر الساقي، فطلب البابا، وقال له: قل لي أمر هذه الحياصة كيف هو؟ فحكى له ما جرى له مع كريم الدين، فقيل لي: إن بكتمر الساقي لطم وجهه، وقال: يا مسلمين! مثل هذا يمسك أو يؤذى؟! وما إمساك كريم الدين برضى بكتمر.

وحكى لي القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله أنه بلغه أن القاضي علاء الدين بن عبد الظاهر والقاضي نجم الدين بن الأثير قعدا يوماً على باب القلة وأجري ذكر كريم الدين ومكارمه، فقال علاء الدين بن عبد الظاهر: ما مكارمه إلا لمن يخالفه، فهو يصانع بذلك عن نفسه، فما كان بعد يومين أو ثلاث إلا حتى احتاج نجم الدين بن الأثير إلى رصاص يستعمله في قدور حمام، فكتب ورقة إلى كريم الدين يسأل فيها بيع جملة من الرصاص بديوان الخاص، فحمل إليه جملة كبيرة، فضل له منها عما احتاج إليه ثلاثون قنطاراً، ولم يأخذ عن ذلك ثمناً، وأما علاء الدين بن بعد الظاهر؛ فإنه تركه يوماً في بستانه، وانحدر إليه في البحر، فلم يدر به إلا وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>