للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وأشار إلى أحد الاثنين، فقال شمس الدين: من هو هذا؟ " إن البقر تشابه علينا " فقال شجاع الدين: مولانا، من قال هذا الكلام. فقال شمس الدين: الذين قال الله في حقهم: " يا بني إسرائيل اذكر نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين "، فقال شجاع الدين: مولانا، حاشاك تقول مثل هذا! وإنما قال الله في حقهم: " وضربت عليهم الذلة والمسكنة " الآية، أو كما قال.

ولما دخلت القاهرة اجتمعت به في سنة سبع وعشرين وسبع مئة، فرأيت منه رجلاً داهية، خبيراً بما يتكلم به، يغلب عليه العقليات، ويستحضر من كلام الحكماء جملة وافرة، وينقل كثيراً مما يذاكر به من فنون الأدب ووقائع الناس، خصوصاً وقائع ملوك المغل، وله ذوق جيد في الشعر، وتفضل في حقي كثيراً رحمه الله ونوه بذكري عند الأكابر وأثنى علي ثناء كثيراً انتفعت به، شكوت إليه يوماً من بعض الكتاب، فقال لي: مولانا القواهر العلوية دائمة الفيض ممنوعة الحجب تقتص من الظالم للمظلوم، ومن الحاكم للمحكوم.

وكتبت أنا إليه في أول شهر رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مئة:

يا من بحبل ولائه أتمسك ... وبذكره بين الورى أتمسك

أوليتني نعماً غدت تترى فما ... تدرى وغاية شكرها لا تدرك

وأفدتني فضلاً بكل نفيسة ... تشرى فجودك في الورى لا يشرك

أنت المبوأ ذروة المجد التي ... عزت فما لسواك فيها مسلك

<<  <  ج: ص:  >  >>