ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة لا يكون لنا بها عن الفوز بالجنة عذرُ، ولا نجد بها نفوسنا يوم البعث إلا في حواصل طيورٍ خضر.
ونشهد أن محمداً عبده ورسوله. أفضلُ من قدم ذوي الرتب، وأشرفُ من حكم بالعدل العاري من الشبه والريب. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا في الحروب عُقبانها الكواسر، وفرسانها الذي أشبعوا من لحوم العدا ذوات المخالبِ والمناسر، ما أحمد الرامي في المرام عزمه، وسعت له في الرتب قدمُ قدمه، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: فلما كان الرمي بالندق فناً تعاطاه الخلفاءُ والملوك. وسلك الأمراء والعظماء طريقة لطيفة المأخذ ظريفة السلوك، يرتاضون به عند الملل لا سترواح نفوسهم، ويجنون ثمران المنى في التنزه من غروس عروشهم، ويبرزون إلى ما يروق الطرف ويروعُ الطير من برزاتهم، وينالون ببنادق الطين من الطير ما لا ينالهُ سواهم بجوارح صقورهم ولا بزاتهم. وقد نبذوا في تحصيل المراتب العلية شواغل العُلق، وتدرعوا شعار الصدق بينهم وهم أصحابُ الملق، ومنعوا جفونهم من ورود حياض النوم إلا تحله، وظهروا بوجوهٍ هي البدورُ وقسي هي الأهله، وتنقلوا في صيد النسور تنقل