يجاري القاضي شهاب الدين بن فضل الله بيتاً فبيتاً، ويسبق إلى نظم البيت حتى إخاله كميتاً.
وابتدأ بعمل كارة صغيرة يحملها تحت إبطه، ويجتهد عليها بكل جهده وضبطه. وهو يزيدها في كل يوم مما يراه مطرحاً في الطرق، إما خيطاً أو حبلاً ويديره عليها كالنطق، وتلك في كل يوم تنمو وتزيد، وهو يقاسي من حملها العذاب الشديد، حتى إنه يكون في الطهارة وهو يكابد حملها، وما ينكر حملها. ولما كان آخر وقت ضعف عن حملها فألقاها، وعجز عن ضمها ومعالجة شقاها.
وأصبح ابن الثردة طعام الدود، وشخصه المنتصب وهو تحت الأرض ممدود.
وتوفي رحمه الله تعالى بالبيمارستان النوري في أول شهر ربيع الآخر سنة خمسين وسبع مئة.
وسألته عن مولده، فقال: في ثاني عشري شعبان سنة سبع وتسعين وست مئة.
وكان في هذا الاختلاط يدعي أنه كانت له ببغداد كتب تقدير الألفي مجلد، وأن جماعة من التجار الذين قدموا إلى دمشق اغتصبوها وأخذوها منه، ولم يلق من يساعده على ذلك.
وكان ذلك من مخيلة السوداء، فساءت حاله وأضرت به، وأخذه الولع الزائد في هذه الكارة، ويطلبها الناس منه فيقول: لو دفع لي فيها ألف دينار ما أبعتها. وكان قد أتى إلى بعض الحكام وادعى عنده، وهو في هذه الحالة، على التجار الذين