وأعرف له يوماً وضعت قدامه قطع الشطرنج التي وصفها مشهرو، وهو أنها تصف صفاً مخصوصاً من القطع البيض والسود، وإذا تكامل ذلك يدعي أن مركباً كان فيه مسلمون ونصارى جالسين على هيئة مخصوصة، وكان الرائس مسلماً، فهاج البحر عليهم وهم في وسط اللجة، فاحتاجوا إلى أن يرموا بعضهم في البحر ليخف المركب فأرادوا يعملون القرعة، وكان الرائس ذكياً، فنظر إليهم وقال: ما نحتاج إلى قرعة، بل نعد من هنا، وكل من جاء تاسعاً ألقيناه إلى البحر، فارتضوا جميعاً بذلك، وأخذ الرائس يعد، وكلما جاء تاسعاً ألقيناه إلى البحر، فارتضوا جميعاً بذلك، وأخذ الرائس يعد، وكلما جاء تاسع من النصارى رمى به إلى البحر إلى أن رمى بالنصارى جميعهم، ولم يرم بأحد من المسلمين.
فلما صنعت ذلك قدامة، أعجبه ذلك وزهره ونحنح وبقي مفكراً في ذلك، واشتغل باله به عامة نهاره. ثم إني فارقته وعدت إليه، فوجدته يكرر عليها ويقول: أربعة مسلمون وخمسة نصارى، ومسلمان ونصراني وثلاثة مسلمون ونصراني ومسلم، وهو يدرس ذلك، ويكرر عليه، ويقع التخبيط عليه في سرد ذلك على الصحة، فرحمته وقلت: يما مولانا هذا أمر يتعبك ولا ينضبط لك، وقد تطلبه في وقت الحاجة، فيشذ الصواب فيه عنك. فقال لي: فكيف انضبط لك هذا؟ قلت له: هذا ضابطه في بيت واحد من الشعر. فطار عقله، وقال: هذا أعجب. ولم يصدق. قلت: نعم، بيت واحد، حروفه المهملة مسلمون، والمعجمة نصارى. فلما أنشدته ذلك، وصف القطع على حكمه وعده وصح معه، خرج من حبال عقله، فقلت: وأزيدك أخرى، إن أردت صففت لك ثمانية ثمانية وسبعة سبعة وستة ستة وخمسة وخمسة وأربعة أربعة ثلاثة ثلاثة. فقال: هذا بقاعدة أيضاً قلت: نعم. فقال: أريد تعلمني ذلك، فقلت: ما هو وقته. وقمت وتركته. وحفظ مني بيت التسعة، وهو: