ولم يزل الأمير علاء الدين بمصر أميراً إلى أن جرى للملك الناصر حسن ما جرى، وتصاف هو والأمير سيف الدين يلبغا، وتناوشوا القتال، فحصلت للأمير علاء الدين جراحة في وجهه، فمات منها بعد يويمات، على ما قيل، ووصل الخبر بموته إلى دمشق في أواخر جمادى الأولى سنة اثنتين وسبع مئة.
ولما كان بالشام توجه إلى الرحبة نائباً مرتين، وأنا شاك في الثالثة. وكان من أبناء الستين أو ما يزيد عليها.
كان شكلاً تاماً ذا رواء، وهمة في الأمور واعتلاء. يكتب ويقرأ، ويد لو أنشأ نظماً ونثراً، لأنه بمصر كان يجتمع بالأفاضل، ويرامي الأقران بالجدال ويناضل. وله ميل كثير إلى الألغاز، ولم يكن كغيره يهواها، وهو في العمي ضائع العكاز.
ولما كنت بالقاهرة في سنة ثمان وعشرين وسبع مئة، طلب مني لغزاً، فكتبت إليه:
أيا سيداً حاز العلا وهو يافع ... فراوي الندى عنه كثير ونافع
ومن حاز فضل السيف في معرك الردى ... فبارقه في ظلمة النقع ساطع
ومن إن سألنا: من أولو الفضلو والنهى ... أشارت إليه عند ذاك الأصابع
ومن نفق الآداب بعد كسادها ... وجلى دجاها من محياه لامع
ومن هو ذخر للعفاة وملجأ ... إذا صدهم حظ من الدهر صادع
أحاجيك ما اسم، أعوز الناس قطرهم ... فلما دعا انجابت عيون هوامع
كتابته في الطرس لا شك أربع ... وعدته خمس وفي العكس سابع
وإن زال منه ثالث فقبيلة ... لها في قراع الدارعين وقائع