للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إنه توجه إلى لد، وجاء معه إلى دمشق، وتوجه معه إلى حلب، فكان معه، فلما رسم له بالإقامة هناك، أقام عنده حاجباً، ولما طلب الكاملي إلى مصر لم يمكنه إلا الإقامة في حلب، وحضر الأمير سيف الدين طاز إلى حلب نائباً، فراج عليه ونفق عنده بعدما كان قد أعرض عنه. ولم يزل إلى أن توفي رحمه الله تعالى في التاريخ.

وكان يستحضر شعراً كثيراً للأقدمين والمتأخرين وأهل العصر، وعلى ذهنه تواريخ ووقائع من قديم الإسلام وحديثه. وكان حلو العبارة، فصيح اللسان، يستحضر الواقعة في وقتها، ويتمثل بالشعر النادر في كتبه.

وكان غريباً في أبناء جنسه. كتبت إليه بعدما توجه من دمشق لما أقام بحلب ارتجالاً من رأس القلم في شوال سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة:

لقد أوحشت أهل الشام حتى ... سلبت ربعوها ثوب البهاء

يقبل الأرض ويشكو حظه من الأيام، وما يجده لهذه الحادثة من الآلام، وما يجرعه من الغصص لفراق مولانا الذي آنس مقامه حلب، وأوحش فراقه الشام.

وإذا تأملت البقاع وجدتها ... تشقى كما تشقى الرجال وتسعد

نعم يا مولانا، لقد شقيت دمشق ببعدك عنها، وسعدت حلب بقربك منها. وما يقول المملوك إلا كأن الله تعالى كان قد كمل محاسنها بحلولك، وأطلع الأمن فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>