الملك الكامل، وبذل مبلغاً كثيراً في وكالة بيت المال والحسبة، وتوقيع الدست وبالشام، فرسم له بذلك، وبلغ مبلغاً كبيراً، ثم توقفت القضية، فلما تولى الملك المظفر، قام معه الأمير سيف الدين بن فضل والصواف تاجر الخاص فرسم له بنظر الشام عوضاً عن الصاحب علاء الدين بن الحراني، لأنه كان قد تصور من الوظيفة، وحضر إلى دمشق في زمن الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي بعد عيد رمضان سنة سبع وأربعين وسبع مئة، وباشر الوظيفة مدة تقارب نصف سنة إلى أن عُزل بالصاحب شمس الدين موسى ابن التاج إسحاق، وحضر إلى دمشق في أواخر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وسبع مئة.
وكان شاباً طويلاً حسن الصورة، مليح الشكل، حركاته على الظرف واللطف مقصورة، قد خط عذاره بقلم الريحان، وبسم عن ثغر كأنه الحُباب على بنت الحان، بعمة أنيقة اللف، دقيقة الصف، وقلُمه سريع الحركة، وحروفه أحسن في دُجى الحبر من النجوم المشتبكة، واستخف الناس به، وقالوا: هذا صغيرٌ على هذه الوظيفة، قليل الدربة بتنفيذ أمور الدولة العالية المنيفة، فلطف الله به، وجاءت الجهات من عيونها، وماتت نفوس حساده بغبونها، وكان قلمه رطباً لا يرد سائله، ولا يخيبُ من أمله وسائله، رأد معاليم جماعة، وأجرى قلمه بصلةِ الرزق ومد باعه، إلا أن الناس عبرت عيونُهم عليه، ولعبوا في التصريف بين يديه، وقلت حرمته، وحلت بذاك جرمته، ونهب المال وتمحق، ووقع في الضياع وتوهق، فكتب الأمير سيف الدين