ثلاث مئة ألف دينار وأضعافها، وكان ينفرد هو رحمه الله تعلى بولايات الوظائف بنصف ذلك، ولم يقدر أحد يقول إنه وزن ديناراً ولا درهماً ولا أقل ولا أكثر. وأما لبسه الذي يكون عليه في غير دور العدل والمحافل فيما أظنه كان يساوي ثلاثين درهماً.
وإن كان في لبس الفتى شرف له ... فما السيف إلا غمده والحمائل
وبعد هذا جميعه يموت فيوجد عليه دين مبلغ اثنين وثلاثين ألف درهم، ولو لم يكن له داران بمصر اشترى الواحدة، وورث الأخرى مع مجلداته التي قناها في عمره، أبيع الجميع فكمل ثلثي الدين، والتزم ولداه مد الله في عمرهما بوفاء البقية، هكذا هكذا وإلا فلا لا.
ينسب إلى الشافعي أنه قال: من ولي القضاء ولم يفتقر فهو لص، قدس الله روحه، ونور ضريحه، والذي استقر في ذهني منه أنه كان إذا أخذ أي مسألة كانت من أي باب كان، من أي علم كان عمل عليها مجلداً أو مصنفاً لطيفاً، أعني في علوم الإسلام من الفروع والأصلين والحديث والتفسير والنحو والمعاني والبيان. وأما العقليات فما كان في آخر وقته فيها مثله.
وأما فن الأدب فما احتاج مع أسماء كتبه وتصانيفه إلى بيان، هي تشهد له بأدبه وذوقه. وأما الهجاء وفن الكتابة فكان ما يلحق فيه. وأما صناعة الحساب فرأيت أئمتها يعترفون له فيها، ولم أره في مدة ولايته القضاء يستكثر على أحد شيئاً والعلة في ذلك إعراضه عن الدنيا وإلقاؤها وراء ظهره، حتى لم تكن له ببال حتى إنني قلت فيه: