للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذي المصيبة بالإسلام قد نزلت ... فانظر عرا الدين منها كيف تنفصم

ما مثل من قد مضى يبكى عليه ولا ... تجري على وجنتيك الأدمع السجم

فإنه في جنان الخلد في دعة ... لكفه الحور والولدان تستلم

فقدس الله ذاك الروح منه ولا ... أراه يوم اللقا والحشر ما يصم

يقبل الأرض وينهي ما عنده من الألم الذي أنكى، والحادث الذي ما يحيك في خلد ذي جلد ولا يحكى، والمصاب الذي عقد المناحات له بالمناجاة، فوقف واستوقف له، وبكى واستبكى:

ولو يغني البكا أو رد ميتاً ... بكيت فلم يساجلني الغمام

فإنا لله وإنا إليه راجعون، قول من فقد إمامه، وفجع بمن كان يهديه إلى رشده ويريه طرق السلامة، وأعدمته الأيام حبراً لم يلتفت معه إلى الدراري إذا سمع كلامه، وغيضت منه بحراً كان يقذف به من دره فذه وتوامه، وأخذت منه فريد عصره فما يدري ما يبكيه منه، أعلمه أم بركته أم لطفه أم جوده الذي فضح الغمامة، وابتزت منه شيخ الإسلام الذي ما يخلفه الوجود إلى يوم القيامة.

عمت فواضله فعم مصابه ... فالناس فيه كلهم مأجور

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كلمة تقولها الملوك لهذه المصيبة العظمى والرزية التي ما يجد الناس لها رحمى، ذهب والله من كان جمال الوجود، وإمام الأئمة وكعبة الجود، ومن كان بقاؤه بين ظهراني الناس رحمه، ومن بينه في العلوم وبين علو النجوم زحمه، ومن كان إذا كتب اهتزت من الطرب له الأقلام، وخضعت لأوامره

<<  <  ج: ص:  >  >>