وبعض المقامات اللزومية التي للسرقسطي، وذكرت إسناده لكل نسخة منها في النسخة المقروءة عليه. ثم إنني اجتمعت به في القاهرة سنة سبع وعشرين وسبع مئة. ومن هناك عاد إلى بلاده وكان آخر العهد به. إلا أنه كان أحد الأشياخ الذين أخذت عنهم، واقتطفت در الفوائد منهم، كان عالماً بالعربية، والمواد الأدبية، وكان له يد في الأصول فقهاً وديناً، وحاصله في مذهب الإمام مالك متوفر، كأنه ليث ولج منه عريناً، وأما التفسير فكان فيه علامة، ونهجه فيه واضح الاستقامة، وأما أسماء الرجال والسيرة النبوية فكان في ذلك قد بلغ الغاية، وأطل فيه على النهاية، وكان مع ذلك فقيراً، وورد إلى هذه الديار فلم يكن فيها أثيراً. وعاد إلى بلاده بخفي حنين، مثقل الجوانح بالأحزان، فارغ اليدين، وكان وجهه يتوقد حمرة، ويظن به أن قد شرب كأس خمره. قال لي ما افتصدت عمري.
وكان ينظم نظماً عجيباً، أنشدني من لفظه لنفسه بالقاهرة:
ما جاءك الوغد إلا كنت تكرمه ... ولا أتيتك إلا كنت منحرفا
كذلك الكلب لا يعبا بجوهرة ... ومن سجيته أن يألف الجيفا