هو الذي خرج بهاء الدين أرسلان وهذبه، وفقهه وكتبه، لأنه كان يهواه، ويغضي طرفه، ويطوي على جوانحه جواه.
ولما عاد السلطان من الكرك، وتولى أرسلان الدوادارية ما شك هو ولا غيره أن كتابة السر تتعداه، ولا أن الملك يضطلع بغيره ويتحداه، فما قدر الله له ذلك، ولم يجئ حساب الدهر هنالك، ولكنه كان يوقع في الدست بين يدي السلطان إلى آخر وقت، والسلطان يضمر له البغض والمقت، ويقول إذا رآه من بعيد: سبحان الرازق، هذا يأكل رزقه على رغم أنفي وأنف الخلائق.
وكان القاضي علاء الدين حسن الشكل ظريف العمامة نظيف الملبوس ظاهر الوسامة طيب الرائحة، يعم مجلساً يكون فيه بهباته الفائحة. يكتب خطاً فائقاً من أين للعقود اتساقه، وللروض اليانع زهراته التي تضمنها أوراقه. قل أن اجتمعت مفرداته في غيره، أو بلغ مترفع في الجو مطار طيره، وإليه كانت الرياسة في زمانه، وإياه عنى مداح عصره وأوانه.
ولم يزل في توقيع الدست إلى أن اجتث منه الدهر جرثومة الرئاسة، وأخلى مصره من السيادة والنفاسة. وتوفي رحمه الله تعالى يوم الخميس رابع شهر رمضان سنة سبع عشرة وسبع مئة.