ولم يزل على حاله بالمدينة إلى أن أصبح في البقيع مزوراً، وأودع فيه ثم تولوا عنه نفوراً.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة ست وأربعين وسبع مئة.
كتب إلي يطلب مني شرح لامية العجم:
قد طال هذا الوعد يا سيدي ... فانظر لمقصودي وكن مسعدي
أنت صلاح الدين حقاً فكن ... صلاح دنياي التي تعتدي
وجد بغيث الأدب المنتقى ... واسق رعاك الله قلباً صدي
بدأت بالإحسان فاختم به ... يا خاتم الخير ويا مبتدي
فكتبت أعتذر عن تجهيزه، لأنه في العارية:
أقسمت لو كان الذي تبتغي ... عندي لم أمنعه من سيدي
يا من له نظم علا ذروة ... وهادها تعلو على الفرقد
لقد تطولت ولم تقتصر ... ومن بدا في فضله يزدد
وأين من نال نهاياته ... ممن كما قلت له مبتدي
وكان قد ركب أعجازاً وصدوراً على قصيدة الطغرائي لامية العجم، فجهزها إلي لأقف عليها، وأولها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وشرعة الحزم ذادتني عن المذل
وحلة العلم أغنتني ملابسها ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... وسؤددي ذاع في حلي ومرتحلي
وهمتي في الغنى والفقر واحدة ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل