إلا أن طلع إليه بعض خواص السلطان ممن يحبه ويهواه، وله ذؤابة سوداء مليحة طويلة، فتغير السلطان، وقال لمن يعز عليه: والله إن قطع شعر هذا المملوك لأقطعن يده، فلما صعد إلى الواعظ علم أنه قد وقع في خطر، فأخذ شعره في يده، وأخذ يفكر في خلاصه من تلك الورطة، وشغل المجلس بأشعار وحكايات، ثم قال: يا جماعة! أتدرون ما يقول لسان حال هذه الذؤابة، فقالوا له: ما يقول؟ قال: يقول: أنا كنت معه في زمن المعصية بالله لا تفرق بيني وبينه في زمن الطاعة، انزل روح يا سيدي، فأعجب السلطان ذلك والناس، ووقع كلامه منهم بموقع جد.
وإنما سمي علاء الدين الوداعي، لأنه كان يكتب للصاحب علاء الدين بن وداعة، ولذلك قال، ونقلته من خطه:
ولقد خدمت الصاحب ابن وداعة دهراً طويلاً
فلقيت منه ما التقى ... أنس وقد خدم الرسولا
وأنشدني شيخنا شمس الدين الذهبي، قال: أنشدنا المذكور من لفظه لنفسه، ونقلته أنا من خطه:
من زار بابك لم تبرح جوارحه ... تروي محاسن ما أوليت من منن
فالعين عن قرة والكف عن صلة ... والقلب عن جابر والأذن عن حسن