الذين كانوا شجى في لهوات من كفر، وكان الباطل بهم دجى حتى جلوا الحق فلاح صباح الفالح بهم وسفر، وراضوا الزمان فاستقاد لهم من بعد ما تقاعس ونفر، ورآهم الزمان جمال هذه الأرض في الحياة، وبعد الممات جمال الكتب والسير، فهم الذين سجع الحمام بمدحهم وصدح، وشرح الخاطر وصفهم لما جال في سرد مناقبهم وسرح، وإياهم أراد ابن الرومي لا من خاطبه ومد المدى لما مدح، إذ يقول:
آراؤكم ووجوهكم وحلومكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم
منها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم
صلاة لا يمل الزمان دوامها، ولا يرى الدهر انصرافها وانصرامها، ما نبت في رياض الدياجي نرجس نجوم، وراحت أطيار الدراري على نهر المجرة وهي تحوم، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد: فإن الوقوف على أخبار من تقدم، وخرب ربع عمره بالموت وتهدم، ووصف في حياته أو غادر للشعراء في رثائه لما تردى ما تردم مما تتشوق النفوس إلى الوقوف عليه، وتتشوف بجملتها إليه، فإنه: في الذاهبين الأولين لنا بصائر. وفي آثار من درج وأخباره أدلة للتأسي وأمائر، وفي التفكر في مصارعهم