وكان جيد الذهن كثير النقل لمذهبه، بارعاً في التفقه، لا يثبت له أحد إن ناظره أو تمسك بسببه، مائلاً إلى الدليل والحجة، قائلاً بالبحث لا يرى التقليد من عظيم المحجة، يوهي بعض المسائل لضعف دليلها، وخفاء صحتها، وظهور عليلها، يلقي دروساً مفيدة، ويأتي بأشياء فوائدها عتيدة، لا يحتمل أن أحداً يعارضه أو يراسله أو يقارضه، فينفر فيه ويزبره، يكسره بالقول ولا يجبره.
وكان في خلقه زعارة وشراسة، وحدة لا ينكس الكبر لها رأسه، لا يخضع لأمير ولا لقاض، ولا ينفعل لإبرام ولا لانتقاض، وله في ذلك حكايات مشهروة، ووقائع بين أهل مصر مأثورة، إلا أنه فرط في علم الحديث من حيث الرواية، وأهمل أمره، ولم يكن له فيه عناية، فكان صغار الطلبة يحضرونه دروسه، ويعيبونه عليه كثرة تصحيفه، وما يقع له من الخلل في أسماء الرجال، ولا يجسرون على تعنيفه، وكان به وسواس في تكبيره الإحرام، وتطويل حتى يفوته بالركون الإمام.
ولم يزل على حاله إلى أن دخل في العدم، وكثر عليه التأسف والندم.
وتوفي رحمه الله تعالى في سادس عشر شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة بالقاهرة.
مولده سنة ثلاث وخمسين وست مئة.
وكان قد اشتغل بالفقه والأصولين على ابن أبي الثنا محمود بن عبيد الله المراغي، والعلامة الشيخ تاج الدين الفزاري، وغيرهما.