ثم إنه في يوم الخميس ثاني عشري شهر رجب الفرد سنة عشرين وسبع مائة عُقد له مجلس بدار السعادة وعاودوه في فتيا الطلاق وحاققوه عليها، وعاتبوه لأجلها. ثم إنه حُبس بقلعة دمشق، فأقام بها إلى يوم الاثنين يوم عاشوراء سنة إحدى وعشرين وسبع مائة، فأخرج من القلعة بعد العصر بمرسوم السلطان، وتوجه إلى منزله. وكانت مدة سجنه خمسة أشهر وثمانية عشر يوماً.
ولما كان في يوم الاثنين بعد العصر، سادس شعبان سنة ست وعشرين وسبع مائة في أيام قاضي القضاة جلال الدين القزويني تكلموا معه في مسألة الزيارة، وكُتب في ذلك إلى مصر، فورد مرسومُ السلطان باعتقاله في القلعة، فلم يزل بها إلى أن مات رحمه الله تعالى في ليلة الاثنين عشري ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة بقلعة دمشق في القاعة التي كان بها محبوساً.
ومولده بحرّان سنة إحدى وستين وست مائة.
وأول ما اجتمعت أنا به كان في سنة ثماني عشرة، وهو بمدرسته في القصاعين بدمشق المحروسة، وسألته مسألة مشكلةً في التفسير في الإعراب، ومسألة مشكلة في الممكن والواجب، وقد ذكرت ذلك في ترجمته في تاريخي الكبير. ثم اجتمعت به بعد ذلك مرّات، وحضرت دروسه في الحنبلية، فكنت أرى منه عجباً من عجائب البرّ والبحر، ونوعاً فرداً وشكلاً غريباً وكان كثيراً ما ينشد قول ابن صردر.